كتاب ألف ليلة وليلة قصه تستحق القراءة
كتاب ألف ليلة وليلة قصه تستحق القراءة
يرى سعيد الغانمي بأنه كتاب قائم على التهام الكتب الأخرى واستيعابها فتغدو جزءًا منه كما أنه منفتح على الأصناف الأدبية المختلفة مما يصيّره معتمدًا أدبيا قائما بنفسه وهو في تجدد مستمر بعد كل رواية ونسخ وقراءة لكن هذا التجدد توقف عند طباعته وجرى تسابق وتنافس بين رواته ونُساخه في أن تكون روايتهم أو نسختهم تبزُّ التي قبلها وتفوقها وانتقلت هذه التنافسية بين مترجميه إلى اللغات الأخرى فكل ترجمة تحاول أن تفوق سابقتها وهذا ما نراه في الترجمة الفرنسية والإنجليزية كما أن كل نسخة من الكتاب أصلية ومزوّرة في الوقت نفسه ولعل أخطر ما حدث لهذا الكتاب أنه بعد ترجمته إلى اللغات الأوروبية وشيوعه بين أدبائها وقراءها استطاع الولوج إلى المعتمد الأدبي الغربي والذاكرة الثقافية الشعبية أي إنه توطّن هناك وصار جزءًا منهم لا دخيلا عليهم.
وأقول: العملية التأليفية المستمرة باختلاف العصور التي مرَّ بها كتاب ألف ليلة وليلة تجعله يحمل من كل عصر سماته وحكاياته وهو يكشف عن مدى القيمة المنوطة به كمثل عربة قطار انطلقت عبر الزمن منذ أول محطة غادرتها شهرزاد وشهريار وفي كل محطة زمنية يصلها ثمة راكب/ مؤلف يصعد فيها ويضع لمسته ويستقر في مكانه دون أن يعرفه أحد عابرًا إلى محطة زمنية لاحقة وهكذا تباعا إنه سجل أمة وأمم وخزانة أدبية لشعوب وعصور وبلدان وأشخاص وحقائق وخيالات وأحلام ورؤى ومؤلفين وجدوا فيه حقل إثبات الذات ربما لم يجدوا وسيلة ليخلدهم الزمن إلا عبر منح صوتهم إلى صوت شهرزاد أن يسلفوها قصتهم إلى الأبد أن يجعلوها تطيل لياليها مع شهريار وبمنحها صوتهم يمنحوها ليلةً إضافية وحياة إنَّ كتاب ألف ليلة وليلة هو عربة قطار تسافر إلى المستقبل وتعود إلى الماضي في الآن نفسه ففي الوقت الذي يُخلِّد أحدهم قصته في ليلة من ليالي شهرزاد فهو يعود إلى الماضي لينقذها كل يد تُمد إلى هذا السِّفر ترسم ليلة وتغير مُجريات الماضي وتُنقذ شهرزاد التي تُنقذ شهريار على أمل الخلود فهل خلد هؤلاء وما أهمية الخلود في ظل شهرزاد والانحباس في صوتها إلى الأبد فيتلاشون في صداه ولا يبقى صوت إلا صوت الشهرزاد.